إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
52943 مشاهدة
الرد على من قال بخلق القرآن

...............................................................................


قال بعض العلماء: إن الله ذكر القرآن في أكثر من خمسين موضعا، ولم يذكر أنه مخلوق، وذكر الإنسان في سبعة عشر موضعا أي على الثلث، وصرح فيها بأنه مخلوق. من ذلك قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ .
انظر كيف فرق عَلَّمَ الْقُرْآنَ ما قال: خلق القرآن عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ طريقة المعتزلة أن الخلق بمعنى أنه مخلوق. منهم الزمخشري صاحب التفسير المشهور بالكشاف. ذكروا أنه ابتدأ كتابه بقوله: الحمد لله الذي خلق القرآن؛ فقال له بعض تلاميذه: إنك بذلك تنفر الناس عن قبوله، فغيَّر الكلمة وصححها بقوله: الحمد لله الذي جعل القرآن، وكلمة جعل عندهم بمعنى خلق، يستدلون بقوله تعالى: إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وقد بين العلماء أن الجعل ليس بمعنى الخلق دائمًا، وإنما معناه التصيير كقوله تعالى: وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا وقوله تعالى: وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا فليس معنى جعلوا له يعني: خلقوا له، فالله تعالى أخبر بقوله: إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا يعني: إنا صيرناه قرآنا، وليس معناه: أنا خلقناه.
هذه عقيدة المعتزلة، ولم ينقرضوا، بل لا يزالون موجودين بكثرة، وقد ألف مفتي عمان الذي يُقال له أحمد بن محمد الخليلي كتابا وسماه الحق الدامغ، وتكلم فيه على القرآن، وادعى أنه مخلوق، فهو يقدس هناك في عمان منهم وله مكانة عندهم، وهذه عقيدته، وقد كان السلف -رحمهم الله- يكفرون من يقول: إن القرآن مخلوق؛ وذلك لأنهم يطعنون في الله تعالى، ويصفونه بأنه لا يتكلم، ومعلوم أن نفي الكلام يعتبر نقصا، فإن الذي لا يتكلم ناقص، ولو أنه غير قابل، فالإنسان الناطق أكمل من الحيوان البهيم.
وكذلك أيضا إذا شبهوه بأنه غير قابل، فقد شبهوه بالصخر وبالجدار وبالأرض وبالجمادات، ولا شك أن هذا تنقص لله تعالى.
كذلك أيضا هناك الأشاعرة وما أكثرهم. هم الذين انتشروا في البلاد، وتمكنوا في القرون الوسطى. عقيدتهم أن القرآن ليس هو كلام الله، وإنما هو عبارة أو حكاية عن كلام الله، وليس هو عين كلام الله، إنما هو عبارة، وأن الله يتكلم الكلام النفسي يعني أن الكلام كلام نفسي ليس هو كلام حقيقيا، فعلى هذا يصح أن يقولوا: إن هذا القرآن ليس هو كلام الله، وإنما هو ترجمة، بمعنى أن كلام الله شيء في نفسه، وأن جبريل هو الذي ترجم به أو أن محمدا هو الذي ترجمه إلى هذه اللغة، فينفون أن يكون الله تعالى تكلم به كلاما حقيقيا. ينفون أن كلام الله هو هذا القرآن، بل إنما هو مترجم عنه.
ولا شك أن هذا أيضا إبطال لهذه الصفة التي هي صفة كمال صفة الكلام صفة كمال. هم يعترفون بأن الله يتكلم، ولكن مع الأسف لا يُثبتون الكلام الحقيقي، وإنما يُثبتون يقولون: إن كلام الله فيض فاض على الذات، وليس هو بمسموع؛ وذلك لأنهم دخلت فيهم شُبهة المعتزلة؛ أن الكلام إنما يكون بما يسمع، أو أن الكلام إنما يكون ما يظهر من اللهوات، وما أشبه ذلك، وأهل السنة يقولون: إنه كلام الله، ويقول بعض الشعراء:
بل إنـه عين الكـلام أتى بـه
جبريل ينسخ حكم كل كتاب
ويقول المباركفوري:
قالوا: فما القرآن؟ قلت: كلامه
لا ريب فيـه عند كل موحد
هذا هو قول أهل السنة؛ أن القرآن كلام الله كلاما حقيقيا، وأنه الكريم المنزل؛ منزل من ربك بالحق قال تعالى: تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ فدل على أنه منزل من الله تعالى، وأنه هو الذي تكلم به، وأسمعه من شاء من عباده؛ كما أخبر بأنه يُسمع كلامه من يشاء من خلقه كما يشاء، يقول بعد ذلك شيخ الإسلام في هذه القصيدة:
وأقـول قـال الله جـل جلالـه
.............................
يعني: يعترف بأنه يقول؛ قال الله جل جلاله، والمصطفى
............................
وأصونه عن كل ما يتـــأول